“استثمار”، هذا المصطلح الذي يستخدمه كثير من الناس وكثير من الجهات لكثير من المشاريع والبرامج المتنوعة، والذي يتبادر إلى أذهاننا من مجرد سماعه أو قراءته هو الربح الدنيوي العاجل؛ إذ يعني استغلال الجهد والوقت والمال المتاح لنا وتوظيفه على الوجه اللائق الذي يضمن الحصول على الثمرة المرجوّة…وقليل ما يتم التفكير في استخدام هذا المصطلح والعمل بكل معانيه في العمل الخيري، الذي هو الأساس له، والبيئة الخصبة للتعامل به؛ لأنه مجال التجارة مع الله، وهي التجارة الرابحة، والاستثمار فيها مضمون حقّاً، كما الأرباح مضمونة ووفيرة، بل ومضاعفة أضعافاً كثيرة، وهي متعدية النفع والبركة، ودائمة العطاء والحركة، ومجالاتها بالتنوّع الميسور زاخرة، وآثارها مباركة باقية في الدنيا والآخرة…
ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم. ، وليس أعظم في هذا المجال من صدقة جارية تتجلّى في “وقف”، فقد شرعه الله تبارك وتعالى وندب إليه وجعله من أجلّ القرب التي يتقرب بها إليه؛ ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: » إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته، بعد موته، علماً نشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورَّثه، ومسجداً بناه، أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، تلحقه بعد موته «رواه ابن ماجة وحسنه الألباني.
وحيث أريد الوصول إلى موضع الشاهد، وأنقل لكم ما أفرح قلبي وكنت على روعته شاهد؛ هو ذاك المركز العملاق، الذي قام على إحياء هذه السنّة، بل وارتقى بالفكرة إلى حيث تستحق، فنشأ كي يرعى الأوقاف والوصايا بين يديه، ويجمع شمل عناصرها بين دفّتيه، يقدّم الخبرة والاستشارة، كما يوجّه بالحب والنصيحة والدلالة، يسير بأنظمة إدارية مُتقنة، ويقوم عليه ثلّة من العلماء وأصحاب الكفاءة، لا يروم ربحاً إلا من الله، ولا يقصد بالمحسن إلا إلى الله، وحيث زرته وجدته بحقٍ مفخرة من مفاخر العمل الخيري المؤسّس، ومنارة من منارات الإحسان المتميّز، له رؤيته الرائدة، ورسالته الواضحة، وأهدافه الناصعة التي منها:
-إعانة الواقفين على تأسيس أوقافهم وتوثيقها.
– خدمة الأوقاف من خلال الاستشارات المتخصصة الشرعية والقانونية والإدارية.
– تعزيز الاشتراكات الاستراتيجية.
– تنمية القطاع الوقفي بمبادرات نوعية.
– نشر ثقافة الأوقاف لدى المهتمين.
– العمل على استدامة المركز.
لا أريد أن أقول كثيراً، أو أصف كبيراً، ولكن أكتفي بهذه الإشارات لهذا الصرح الرائد، وأدعو كل المحسنين والمهتمين للاستفادة من هذا المركز بكل مجالاته… أسأل الله أن ينفع به، وأن يبارك في القائمين عليه، وأن يرزقنا التوفيق والرضا في الدنيا والآخرة.