كل شيءٍ فنّ، وخاصة في هذا الزمان الذي أصبح فيه التنافس لا على الإيجاد وإنما على الجودة، لا على الفعل وإنما على الكيفية، ولا شكّ أن الإدارة أحد أهم العلوم والفنون التي هي بحاجة إلى الاهتمام والإحسان والرعاية والتطور… ومن المعلوم أن الإيجابية والصدق وعدم السيطرة والتواصل والثناء والإشادة والتشجيع والإلهام والمساعدة والعدل من أهم مميزات المدير الناجح؛ إلا أن من المهم هو المراقبة المستمرة والتعهد الدائم لهذه الصفات أثناء المواقف المتنوعة في العمل الوظيفي بأشكاله وبمستويات الموظفين أياً كانت، فالمسؤول حينما يغفل عن نقطةٍ ما، أو يراها بغير حجمها الحقيقي، وينسى الأهم من ذلك وهو النتيجة والأثر؛ عندها يخطئ في التقدير، أو يؤثر سلباً في المسير، فإن انتبه فهو المطلوب، وإن استمر فقد يصل إلى التطرّف.
هذه المقدمة البدهية لدى الكثير؛ هي ما أردنا من خلالها التنبيه إلى أمرٍ هام في هذا المجال، وهو الكلام عن التفويض وإعطاء الصلاحيات، فهذا مبدأ معروف في علم الإدارة والسياسة، لكن ما هو من الأهمية بمكان في هذه الجزئية، حينما يحصل تقصير في العمل من قبل ذاك الموظف أو فريق العمل، ويكون المُخرج عادياً ولا يرتقي إلى مستوى الاحترافية؛ فلا داعي لتحويل الأمر إلى كارثة، والغضّ عن كل جهدٍ واجتهاد، ورؤية فقط جانب النقص، خاصةً إن كان العمل فعلاً مؤدٍّ للنتيجة، وموفٍ بالغرض، ولا بأس بالتنبيه أو التقييم الإيجابي والبنّاء المصاحب للتشجيع والشكر والثناء، وكم من أعمالٍ عادية جداً حصل لها من القبول والانتشار ما لم يحصل لغيرها من الأعمال التي لا تُقارن معها في الاحترافية وما بذل لها من جهد ووقت ومال، وحينما نعلم أن سرّ القبول لا يعتمد على المبذول؛ نعلم أيضاً أن من حسن الإدارة؛ التغاضي عمّا لا يؤثّر في النتيجةِ سلباً، ولا ينحرف عن الهدف أصلاً.